لنبتعد قليلاً عن زحمة ما يحدث من دمار في غزة ونلقي نظرة بانورامية على عملية طوفان الأقصى. لماذا لم تعرف المخابرات الإسرائيلية والس آي إيه والام أي سكس عن عملية طوفان الأقصى قبل حدوثها.
غزة منطقة ضيقة مساحتها لا تتجاوز مساحة عدد من الأحياء في الرياض ومكتظة بأكثر من مليوني نسمة، جلهم من الفقراء والبائسين واليائسين وفاقدي الأمل في المستقبل، وتعلمنا وأقتنعنا أن المخابرات الأمريكية والبريطانية والإسرائيلية ينصتون حتى لدبيب النمل في بيوتنا.
مدينة مثل غزة أو غزة ذاتها مكان سهل للحصول على مخبرين. كل الأمم لا تخلو من الخونة، فكيف سيكون الأمر في بلاد يغرق أهلها في البؤس واليأس والفقر. وإسرائيل تملك الأموال وأحدث تقنيات التجسّس والتحسّس وتملك اليد الطولى في غزة، وتحصل على الدعم المخابراتي والتقني اللامحدود من بريطانيا وأمريكا وألمانيا وبقية الدول الغربية، ومع ذلك استطاعت حماس اقتحام الحدود الإسرائيلية المترسة بالأسمنت والكاميرات والرقابة، وأن تحوس وتدوس مدة ساعتين وتشحن عشرات الرهائن وتعود إلى ثكناتها غانمة سالمة. وقبل هذا كانت حماس تبني الأنفاق والمتاهات تحت الأرض وتحشد الأسلحة وتصنعها وتستوردها وتوظّف المقاتلين وتدربهم. كأن هذا يحدث في القطب الشمالي لا تحت أرجل الإسرائيليين. من يفسر هذا الأمر المحيّر؟
جواب هذه المسألة المحيّرة يكمن في المثل الشعبي الذي يقول (نصف الحرب دهولة) فالدهولة مراحل: الأولى (حسبما أرى) يعتمد على قوة الإعلام في إضعاف وتيئيس إرادة العدو، والمرحلة الثانية عندما يتبنى العدو محتوى الدهولة واعتبارها حقيقة، والمرحلة الثالثة عندما يسلك العدو سلوك الإذعان ويسمي سلوك هذا واقعية.
هذه الدهولة الإسرائيلية ساعدت الزعماء الفلسطينيين على قتل بعضهم بعضاً بعد أن توفر لهم المتهم الجاهز. يستطيع القيادي الفلسطيني قتل منافسه ونسب جريمته للموساد. من يراجع سجلات اغتيالات الزعماء الفلسطينيين من السبعينات إلى اليوم والصراع بين الفصائل الفلسطينية على المراكز والمال سيتمكن من الفرز إلى حد ما بين من اغتالتهم إسرائيل ومن تم تصفيته في الصراع الداخلي.
في عام 1990 صدر في كندا كتاب بعنوان (عن طريق الخداع) وبعنوان جانبي (صورة مروعة للموساد من الداخل) أحدث ضجة كبيرة بعد أن اعترضت عليه الحكومة الإسرائيلية واحتجت أمام القضاء الكندي مما عظم الإقبال على قراءته، فالكتاب في صورته العامة يفضح الأساليب القذرة والخطيرة التي تنتهجها «الموساد» في التعامل مع أعداء إسرائيل ولكن عندما تنتهي من قراءته لا تملك إلا أن تكبر وتعظم هذا الجهاز وتصاب بالرعب واليأس. قيمة هذا الكتاب أن مؤلفه أحد العاملين المتقاعدين في الموساد، حيث يسرد فيه خطوات التوظيف والعمل والطرق التي يتبعها لمواجهة أعداء إسرائيل، عندما تنتهي من قراءته ستشعر بأنك أمام جهاز أسطوري.
الحروب لا تقوم على القوة العسكرية فقط، فالقوة الحقيقية تكمن في الإعلام الذي ينشر اليأس في صفوف الجماهير المعادية. كثير منا اليوم على قناعة أن إسرائيل دولة متقدمة علمياً وتقنياً ومخابراتياً... إلخ ونتجاهل تماماً أنها تعيش بكاملها في حضن الولايات المتحدة. إسرائيل دولة غنية ومع ذلك مازالت تتلقى المساعدات المالية والعسكرية والاقتصادية، والأهم المساعدات البحثية في كل مجال دون أن ندرك أن كل صناعة إسرائيلية هي في نهاية الأمر أمريكية كالقبة الحديدية والدبابات والرشاشات وغيرها. المساعدات التي تتلقاها إسرائيل سنوياً من الدول الغربية تكفي لتصنع من الصومال دولة أكثر تقدماً من السويد ومع ذلك لم ترتق إسرائيل إلى دولة مستقلة تستطيع السباحة في هذا العالم وحدها. ما نعرفه عن إسرائيل هو الوجه الذي يقدمه لنا الإعلام وخصوصاً من العرب الذين دفعتهم الدهولة إلى اليأس. من النادر أن يعرف المثقف العربي بنية إسرائيل الاجتماعية ومستوى انتماء الإسرائيلي لدولته لأنه لا يسمع إلا ما تبثه إسرائيل عن نفسها وهذا معنى أن نقول نصف الحرب دهولة.
غزة منطقة ضيقة مساحتها لا تتجاوز مساحة عدد من الأحياء في الرياض ومكتظة بأكثر من مليوني نسمة، جلهم من الفقراء والبائسين واليائسين وفاقدي الأمل في المستقبل، وتعلمنا وأقتنعنا أن المخابرات الأمريكية والبريطانية والإسرائيلية ينصتون حتى لدبيب النمل في بيوتنا.
مدينة مثل غزة أو غزة ذاتها مكان سهل للحصول على مخبرين. كل الأمم لا تخلو من الخونة، فكيف سيكون الأمر في بلاد يغرق أهلها في البؤس واليأس والفقر. وإسرائيل تملك الأموال وأحدث تقنيات التجسّس والتحسّس وتملك اليد الطولى في غزة، وتحصل على الدعم المخابراتي والتقني اللامحدود من بريطانيا وأمريكا وألمانيا وبقية الدول الغربية، ومع ذلك استطاعت حماس اقتحام الحدود الإسرائيلية المترسة بالأسمنت والكاميرات والرقابة، وأن تحوس وتدوس مدة ساعتين وتشحن عشرات الرهائن وتعود إلى ثكناتها غانمة سالمة. وقبل هذا كانت حماس تبني الأنفاق والمتاهات تحت الأرض وتحشد الأسلحة وتصنعها وتستوردها وتوظّف المقاتلين وتدربهم. كأن هذا يحدث في القطب الشمالي لا تحت أرجل الإسرائيليين. من يفسر هذا الأمر المحيّر؟
جواب هذه المسألة المحيّرة يكمن في المثل الشعبي الذي يقول (نصف الحرب دهولة) فالدهولة مراحل: الأولى (حسبما أرى) يعتمد على قوة الإعلام في إضعاف وتيئيس إرادة العدو، والمرحلة الثانية عندما يتبنى العدو محتوى الدهولة واعتبارها حقيقة، والمرحلة الثالثة عندما يسلك العدو سلوك الإذعان ويسمي سلوك هذا واقعية.
هذه الدهولة الإسرائيلية ساعدت الزعماء الفلسطينيين على قتل بعضهم بعضاً بعد أن توفر لهم المتهم الجاهز. يستطيع القيادي الفلسطيني قتل منافسه ونسب جريمته للموساد. من يراجع سجلات اغتيالات الزعماء الفلسطينيين من السبعينات إلى اليوم والصراع بين الفصائل الفلسطينية على المراكز والمال سيتمكن من الفرز إلى حد ما بين من اغتالتهم إسرائيل ومن تم تصفيته في الصراع الداخلي.
في عام 1990 صدر في كندا كتاب بعنوان (عن طريق الخداع) وبعنوان جانبي (صورة مروعة للموساد من الداخل) أحدث ضجة كبيرة بعد أن اعترضت عليه الحكومة الإسرائيلية واحتجت أمام القضاء الكندي مما عظم الإقبال على قراءته، فالكتاب في صورته العامة يفضح الأساليب القذرة والخطيرة التي تنتهجها «الموساد» في التعامل مع أعداء إسرائيل ولكن عندما تنتهي من قراءته لا تملك إلا أن تكبر وتعظم هذا الجهاز وتصاب بالرعب واليأس. قيمة هذا الكتاب أن مؤلفه أحد العاملين المتقاعدين في الموساد، حيث يسرد فيه خطوات التوظيف والعمل والطرق التي يتبعها لمواجهة أعداء إسرائيل، عندما تنتهي من قراءته ستشعر بأنك أمام جهاز أسطوري.
الحروب لا تقوم على القوة العسكرية فقط، فالقوة الحقيقية تكمن في الإعلام الذي ينشر اليأس في صفوف الجماهير المعادية. كثير منا اليوم على قناعة أن إسرائيل دولة متقدمة علمياً وتقنياً ومخابراتياً... إلخ ونتجاهل تماماً أنها تعيش بكاملها في حضن الولايات المتحدة. إسرائيل دولة غنية ومع ذلك مازالت تتلقى المساعدات المالية والعسكرية والاقتصادية، والأهم المساعدات البحثية في كل مجال دون أن ندرك أن كل صناعة إسرائيلية هي في نهاية الأمر أمريكية كالقبة الحديدية والدبابات والرشاشات وغيرها. المساعدات التي تتلقاها إسرائيل سنوياً من الدول الغربية تكفي لتصنع من الصومال دولة أكثر تقدماً من السويد ومع ذلك لم ترتق إسرائيل إلى دولة مستقلة تستطيع السباحة في هذا العالم وحدها. ما نعرفه عن إسرائيل هو الوجه الذي يقدمه لنا الإعلام وخصوصاً من العرب الذين دفعتهم الدهولة إلى اليأس. من النادر أن يعرف المثقف العربي بنية إسرائيل الاجتماعية ومستوى انتماء الإسرائيلي لدولته لأنه لا يسمع إلا ما تبثه إسرائيل عن نفسها وهذا معنى أن نقول نصف الحرب دهولة.